كتب حسن عبد الجواد: أضاء رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله، ورئيسة بلدية بيت لحم فيرا بابون، مساء أمس، شجرة عيد الميلاد المجيد، في ساحة كنيسة المهد، بمدينة بيت لحم، إيذاناً ببدء الاحتفالات بالأعياد الميلادية المجيدة، في احتفال مهيب، بحضور محافظ بيت لحم اللواء جبرين البكري، ورئيس جهاز المخابرات اللواء ماجد فرج، ووزيرة السياحة والآثار رولا معايعة، ورئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، ومستشار الرئيس للشؤون الكنسية زياد البندك، والمدير التنفيذي لمؤسسة تطوير بيت لحم مازن كرم، وأعضاء المجلس التشريعي، وأعضاء المجلس البلدي، ومدير عام شرطة المحافظة العقيد حقوقي علاء الشلبي، ومسؤولي الأجهزة الأمنية وأهالي شهداء وأسرى المحافظة ورؤساء بلديات، وعدد من قناصل الدول الأجنبية، ورجال الدين المسيحي، وممثلي العديد من المؤسسات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية، وآلاف المواطنين ومجموعات من السياح والحجاج المسيحيين. وقال الحمد الله، في كلمته: «من على أرض فلسطين التي لطالما كانت موطناً لتعايش البشر والأديان والثقافات، وأصّل أبناؤها قيم التسامح التي جسدها رسول المحبة عيسى عليه السلام، من كنائس هذه البلاد المقدسة وأديرتها، كما من جوامعها ومساجدها، نطلق رسالة مفادها، بأن في فلسطين شعباً يتوق للعيش بحرية وسلام، وأنه قد آن الأوان لكي تتحد دول العالم، لرفع الظلم التاريخي الذي لحق به، وتوفير الحماية الدولية الفاعلة له ولأرضه ومقدساته، كمدخل حقيقي لتنفيذ القرارات الأممية الخاصة بفلسطين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي». وأضاف الحمد الله: «كم يسعدني أن أتواجد بينكم في رحاب هذه الأرض المباركة، مهد سيدنا المسيح عليه السلام، مدينة المحبة والسلام، وعلى مقربة من قدسنا الشريف، لنضيء معاً شجرة عيد الميلاد، ونعلن للعالم كله انطلاق احتفالات أعياد الميلاد المجيدة في فلسطين التي تتعدد فيها وتتعايش، صور الألم والمعاناة بروح البقاء والأمل والإصرار على الحياة، أهنئكم جميعا بهذه الأعياد، وأنقل لكم تحيات الرئيس محمود عباس، واعتزازه بكل الجهود التي اجتمعت لتنظيم هذه الاحتفالات، لتصنع من بلادنا، رمزاً للتآخي والانسجام والوحدة، وعنواناً للأمل والصمود أيضاً». واستطرد الحمد الله: «كما في كل عام، تحتفل فلسطين بأعيادها المجيدة، وهي تئن من ظلم الاحتلال، حيث تشهد تصعيدا إسرائيليا خطيرا، يستهدف الشعب الفلسطيني بالقتل والتنكيل وأبشع مخططات الترحيل والتهجير القسري، ويحول مدنه وقراه وبلداته إلى معازل وكنتونات، ويهدم بيوته ويصادر أرضه ويستبيح مقدساته، ويمنع المصلين، مسيحيين ومسلمين على حد سواء، من الوصول إلى كنائسهم ومساجدهم، وممارسة عباداتهم ومعتقداتهم الدينية في رحابها». وتابع رئيس الوزراء: «ونحن نضيء شجرة عيد الميلاد المجيد، فإننا نذكر العالم، بأن مدينة بيت لحم، تمثل رواية الشعب الفلسطيني وتختزل تاريخه وكفاحه، فهي اليوم، منيرة مشعة رغم جراحها وهي صامدة بوجه الألم والمعاناة والطغيان، ولا تزال نابضة بالفرح رغم الجدران والاستيطان الذي يطوقها، والذي تحاول إسرائيل من خلالهما خنق الأمل فيها ومصادرة مقومات الحياة منها. نتمنى من ضيوف فلسطين الكرام، أن يكونوا سفراء الحقيقة، وأن ينقلوا لبلادهم وحكوماتهم، كمّ الأسى والظلم الذي شاهدوه، وكمّ الصمود والشموخ والأمل الذي يتسلح به شعب فلسطين». وأوضح رئيس الوزراء: «أن الاحتفاء بحياة السيد المسيح وقيم السلام والمحبة التي نشرها، إنما تحمل بشرى الحرية والكرامة، بتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة في الحرية والاستقلال، في الخلاص التام من الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، في الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس عاصمتها الأبدية». واختتم الحمد الله كلمته قائلاً: «أهنئ كافة شعوب العالم لمناسبة أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية، وأتمنى أن يعيدها الله علينا بالخير والبركة، وقد تجسدت المزيد من قيم العدالة والسلام والتآخي في العالم وانتهت إلى غير رجعة، كل أشكال الاحتلال والعنصرية والتطرف، ونال شعبنا وأسراه الحرية المنشودة». وفي بداية الاحتفال الذي أدار عرافته كل من كارمن غطاس، وفادي عطاس، رحبت بابون برئيس الوزراء، وبجميع أبناء بيت لحم والقادمين من أنحاء الوطن، وبالزوّار والحجّاج من أنحاء العالم المختلفة. وقالت: عيد الميلاد كما هو دائماً يحملُ الأمل والفرح، أملُ شبابِ وأطفال فلسطين، نسائها وشيوخها، ليقول للعالم ما يستحقُ أن يُقال، على أرض فلسطين ما يستحقُ الحياة، ما يستحق أن نموت من أجله، وأن نحيا من أجله؛ يكادُ لا يمرُّ يومٌ واحد دون سقوط شهداء يرتقون إلى العُلى، وجرحى، وأسرى، ومُبعدون يحلمون بالعودة إلى أرضهم الأم، وميلادُ طفل المغارة هو الأمل والرجاء لنا جميعاً، وهو مناسبة لتجديد الإيمان؛ ومع إضاءة شجرة الميلاد نقول للعالم: إنّا باقون كشجر الزيتون، هنا وُلِدنا، وهنا نعيش، وهنا سنكون، صامدين: نقاوِم، ونَحلُم، ونَأمَل، ونفرح. وأكدت بابون أن بيت لحم، مدينة مفتوحة للجميع، ومع الجميع، ومن أجل الجميع، وعندما انطلق السلام من مغارتها المتواضعة والبسيطة بميلاد الطفل يسوع، فهو دعوةٌ للإنسانية جمعاء، ونعمةٌ يجب أن نعتزّ بها ونحافظ عليها، هو خطابُ شعبٍ من حقّه أن ينعم بسلام الوجود والبقاء، لتتحقق عدالة الخليقة، فلا يُمكن أن يعمّ السلام في العالم ما لم تعشه فِلسطين، ولا يمكن أن يسود العدل ما لم تنعم به بيت لحم، ونأمل أنّ تبقى نجمة الميلاد متلألئة، والأجراس تقرع، ومؤمنوها يرتّلون المجدلية العظيمة، المجد لله في العلى، وأن يسودَ العدل والأمل والمحبة، والسلام. وعبرت عن أملها بأن يتذكّر العالم مدينة المهد على مدار العام، وليس في هذا الوقت فقط، فبيت لحم تمثّل جزءاً مهماً من تراث الإنسانية جمعاء، وتقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية إنصافها وفكّ رسالتها المقيّدة ضمن جدرانِ فصلٍ ظالِمة، فطالما بقيت بيت لحم محاصرة بجدرانٍ فاصلة سيبقى السلام محاصراً، حرروا السلام، ليحلّ السلام على العالم قاطبة. وقالت: إن هناك أسئلة تتكرر كل عام، وأجوبة نكاد نحفظها جميعاً، ولكن الأسئلة الواقعية التي يجب أن تُطرَح، وموجّهة للعالم أجمع: لماذا ما زلنا شعباً محتلاً محاصراً؟ لماذا يحمل ذلك الطفل حجراً يدافع فيه عن وجوده ومستقبله بينما غيره من أطفال العالم يعيشون الواقع والمستقبل في أبهى تجلّياته؟ لماذا لا تعمل الدول الكبرى والعظمى من أجل إحلال السلام، أم أنها تصغر أمام هذه الحاجة المُلحّة؟ لماذا تُخيفنا هذه الأسئلة؟ والسؤال الأهم: لماذا يُخيفنا السلام؟ فالسلام لا يُعيب، ولا يُشقي، ولكنه يعطي الرجاء والأمان، وكما قال السيد المسيح له المجد: «طوبى لصانعي السلام فإنّهم أبناء الله يُدعَون». وأضافت: «نحنٌ شعبٌ يَطلب، ويستحقُ الحياة، التي نُجيدها بكافة متناقضاتها وفسيفسائها، ببياضها وسوادها؛ ولكن أطفالنا حُرِموا طفولتهم، وشبابنا احترفوا انتظار العيش الكريم، الذي من أجله بَذَلَ أباؤنا وأجدادنا الغالي والنفيس، ومن حقّنا جميعاً العيش بطمأنينة، ومن حقّنا أيضاً استقبال البشرى السارّة، بشرى الميلاد والحياة، بشرى العدالة والمساواة، بشرى الحرية والكرامة والأمان، أما تستحقُ فلسطين ذلك فهي إرادة الله للبشرية في كلّ زمانٍ ومكان، والتي تجلّت في زمن الميلاد هذا، في هذه البقعة المقدّسة التي نتشرّف اليوم بالتواجد فيها؟». وقالت: «دعونا نرفع الدعاء إلى العلي القدير أن يتقبّل الشهداء في جنّاته، فقد رووا بدمائهم أرض فلسطين، مدافعين عنها، وأذكر شهداء بيت لحم الأبرار: الشهيد عبد الرحمن عبيد الله، والشهيد معتز زواهرة، الشهيد مأمون الخطيب، فنحن نعتزّ بهم، ونقول لعائلاتهم: كل أبناء فلسطين هم أبناؤكم، يرافقنا اليوم عائلات الشهداء، وأدعو والديهم لمصافحة دولة رئيس الوزراء». وبالنيابةِ عن مجلس بلدية بيت لحم، وباسم الحضور شكرت الرئيس محمود عباس «أبو مازن» على دعمه الكبير للمدينة وأهلها، وكذلك دعم الدكتور رامي الحمد الله ومجلس الوزراء، كما شكرت مؤسسة تطوير بيت لحم، وشركة اتحاد المقاولين، وقصر المؤتمرات، ومجموعة الاتصالات الفلسطينية، وبنك فلسطين، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية وفندق بيت لحم، وفندق البرادايس وشركة ميلينيوم تورز، وشركة نت تورز، ومحافظة بيت لحم، وجهاز الشرطة والأمن الوطني وحرس الرئيس وجميع الأجهزة الأمنية قيادةً وأفراداً والمجموعات الكشفية في المدينة، فبفضلِهم جميعاً نستطيع في هذه المناسبة المجيدة أن نرسم البسمة على وجه الأطفال، ونبثّ الأمل لكل إنسان. كما شكرت زملاءها أعضاء المجلس البلدي، وجميع الموظفين والعاملين في البلدية ومركز السلام، وكافة الجنود المجهولين الذين يَصلون ليلهم بنهارهم للتحضير لهذه الاحتفالات. واختتمت كلمتها قائلة: «بعد قليل، سنُضيء الشجرة، وستقرع الأجراس، ولأوّل مرّة في التاريخ قامت بلدية بيت لحم بمبادرةٍ سيتم خلالها قرع أجراس أكثر من خمسين كنيسة في فلسطين وحول العالم بالتزامن مع قرع أجراس كنيسة المهد، الساعة السابعة والنصف مساءً، فقوة بيت لحم في رسالتها، وقوتها في حقّها بما تطلب به، وقوّتها أيضاً في قدرتها على توحيد العالم، لتقول هذه الأجراس: إننا موجودون، فإذا صَمَتَ العالم فالأجراس في رنينها تنطق بما يعجز هذا العالم عن قوله، لعلّها تكون أجراس صحوة الضمير مدوّية للجميع، ليقفوا إلى جانب الحق، الذي لا وجه له سوى وجه واحد. إنّ فلسطينَ وأهلها ما زالوا يحلمون، وكلّ حلمهم أن يعيشوا ويَبقوا ويفرحوا على أرضهم، أليسَ هذا حقّ؟» . وقرعت أجراس كنائس بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور أجراسها بعد إضاءة الشجرة، تزامناً مع 50 كنيسة في دولة في العالم، كما تخلل حفل اضاءة شجرة الميلاد عدد من الفقرات الفنية الغنائية والترانيم الدينية.